روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | الحذر من فتنة الدنيا وغرورها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > الحذر من فتنة الدنيا وغرورها


  الحذر من فتنة الدنيا وغرورها
     عدد مرات المشاهدة: 1880        عدد مرات الإرسال: 0

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فإتقوا الدنيا وإتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» رواه مسلم، وعن المسور بن شداد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع؟»، وجاء في الحديث أيضًا: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»، رواه مسلم.

وفي الحديث الصحيح: «لوْ أنَّ الدنيا تساوي عند اللهِ جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ»، وقال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا في عسكر الموتى، نادمًا بين الخاسرين، وقال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره.

وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز في ذم الدنيا كتابًا طويلاً فيه: أما بعد فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، فإحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها، وتفقر من جمعها، كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فإحذر هذه الدار الغِرارة الخيالة الخداعة، وكن أسرَّ ما تكون فيها، إحذر ما تكون لها، سرورها مشوب بالحزن، وصفوها مشوب بالكدر، فلو كان الخالق لم يخبر عنها خيرًا، ولم يضرب لها مثلاً لكانت قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل، فكيف وقد جاء من اللَّه عز وجل عنها زاجر، وفيها واعظ، فما لها عند اللَّه سبحانه قدر ولا وزن.

ولقد عرضت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفاتيحها وخزائنها، لا ينقصه عند اللَّه جناح بعوضة، فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، زواها اللَّه عن الصالحين إختيارًا، وبسطها لأعدائه إغترارًا، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرمَ بها؟ ونسي ما صنع اللَّه بمحمد صلى الله عليه وسلم حين شد على بطنه الحجر، واللَّه ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخف أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه، وما أمسك عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه.

وقال ابن القيم: الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين، وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار، والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذة وراحة إنما ذلك بعد إنتهاء السفر، ومن المعلوم أن كل وطأة قدم أو كل آن من آنات السفر غير واقفة ولا المكلف واقف، وقد ثبت أنه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها من تهيئة الزاد الموصل وإذا نزل أو نام أو إستراح فعلى قدم الإستعداد للسير.

هذه حقيقة الحياة الدنيا، والذي لا يعرف هذه الحقيقة عنها مغرور هالك، لأن الكمال فيها عزيز، والنعيم الدائم فيها محال، وأهل الآخرة فيها غرباء، وأهل الباطل والعنت بها أشقياء، ولهذا أعد الله تبارك وتعالى أعظم وأكمل وأتم نعيم خلقه الله وأوجده لعباده المؤمنين المتقين، وأولياءه الصالحين المصلحين، وأحبابه المحبين الصابرين، ألا وهو نعيم الجنة دار السلام، نعم دار السلامة والسلام، والنعيم والإنعام، والخلود والإكرام، فهي دار طهرها الله وسلمها من كل آفة ومرض، وكل هم وحزن وكدر، وسلمها من كل العاهات والبليات والمحرمات، ورحم الله القائل:

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السعادة فيها ترك ما فيها

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت بانيها

فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها

أين الملوك التي كانت مسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها؟

فكم مدائن في الأفاق قد بُنيت *** أمست خرابا وأفنى الموت أهليها

لا تركنن إلى الدنيا وما فيها *** فالموت لاشك يفنينا ويفنيها

واعمل لدار غدٍ رضوان خازنها *** والجار أحمد والرحمن ناشيها

قصورها ذهب والمسك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيها

أنهارها لبن محضٌ ومن عسلٍ *** والخمر يجري رحيقاً في مجاريها

والطير تجري على الأغصان عاكفة *** تسبح الله جهراً في مغانيها

من يشتري الدار في الفردوس يعمرها *** بركعة في ظلام الليل يحييها؟

الكاتب: عاطف عبدالمعز الفيومي.

المصدر: موقع الإلوكة الشرعية.